تابعنا :

Ads 468x60px

الأحد، 5 سبتمبر 2010

الأنظمة التي تقيم العدل وتحاسب المخطئين هي التي تبقى ..

أكّد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم")  أنّه حيثُ وجد العدل والمصلحة، و{مَا يَنْفَعُ النَّاسَ} كما في التعبير القرآنِي فإنّ هذا مدعاة للاستقرار والانضباط، في حين أنّ وجود الظلم والاستبداد والبغي والطبقية والتفاوت غير المنضبط مَدْعَاة للضعف والتراخي وعدم القدرة على مقاومة التحديات الداخلية أو الخارجية.
وأشار فضيلته إلى البقاء هو مرهون بتلك الأوضاع التي فيها إيصال الخير للناس وأنّ الأنظمة المؤسسية القائمة على المؤسَّسية، وتَسْمح بمحاسبة الذين يرتكبون الأخطاء هي التي تبقى.


وقال الشيخ سلمان- في حلقة الجمعة من برنامج "حجر الزاوية"، والذي يبثّ على فضائيmbc ، والتي جاءت تحت عنوان "القرآن.. كتاب التغيير"-:  إنّ هذه الأنظمة التي تحفظ حقوق المواطنين، وتعطيهم حق المشاركة، والتي تتمتع بمؤسسية تسمح بتصحيح الأخطاء، ومعالجتها، ونقدها علانية، ويسمح بمحاكمة أولئك الذين هم مسئولون عن الأخطاء- فإنّ أولئك الناس الذين يعيشون ضمن هذه الأنظمة يريدون لها البقاء؛ لأنهم مستفيدون منها، وليسوا ضدها.
وأوضح الدكتور العودة: أنّ الله- سبحانه وتعالَى- خلق الناس وأراد أن يستمتعوا بهذه الحياة الدنيا؛ ولذلك كان من حكمته- سبحانه وتعالى- أن ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت دولة مسلمة، كما ذكر هذا الإمام ابن تيمية في كتاب "السياسة الشرعية"، لافتًا إلى أنّ هذا من المعانِي المهمة والسنن الإلهية الواضحة.
مشترك إنساني
وردًّا على سؤال، يقول: ماذا عن القيمة بوصفها مشترك إنسانِي وليس بالضرورة دينية، قال الشيخ سلمان: نعم كمشترك إنساني، وعلى سبيل المثال، فإنّه يوجد نظام شيوعي اشتراكي، ونظام غربي ديمقراطي، وعالم ثالث، فإذا نَظَرْنا إلى الشيوعية وكيف أنّها خلال فترة وجيزة جدًّا قامت وهي ثورة وكانت تَمْلِك من القوة والتسليح شيئًا ضخمًا جدًّا، حيث كانت ثانِي قوة أو منافسة للقوة الأولى، ولكنها أيضًا تفككت خلال فترة وجيزة، وليس من خلال حرب من الخصوم أو هجوم نووي كما حصل لليابان وإنّما تفككت داخليًا وذاتيًا.
وأضاف فضيلته: أنه  عندما تنظر إلى العالم الغربي بأنظمته الديمقراطية، تجد أن هذا العالم بقي، فعندما تنظر إلى بريطانيا، والتي كانت إمبراطورية لا تَغِيب عنها الشمس، فهي  الآن ليست كذلك ولكنها دولة من الدول العظمى، كذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية اليوم هي دولة قوية.
سقوط أمريكا أمر مستَبْعَد
وأردف الدكتور العودة: أننا حينما نتحدث عن ضعف في الجانب الاقتصادي أو في الأداء السياسي، فإننا يجب علينا ألا نبالغ في هذا الأمر ونتوقع أننا سنسمع قريبًا غدًا أو بعد غدٍ أخبار ما نسميه بـ"سقوط أمريكا". مشيرًا إلى أن هذا أمر مستبعد، فإنّه حتى الذين يتكلمون ويبحثون ربّما يقولون لك إنه بعد أربعين أو ثلاثين أو خمسين سنة ربّما تصبح أمريكا دولة رقم اثنين في القوة ربما تنافسها الصين- مثلاً- أو تنافسها اليابان أو تنافسها أوربا الموحدة، فهذا احتمال وهو جارٍ مع السنن الإلهية في التنافس.
وتابع فضيلته: لكن عندما تنظر بشكل عام إلى الأنظمة المؤسسية القائمة على شيء مؤسسي كما في الغرب،  نجد أن الناس يريدون لهذه الأنظمة البقاء؛ لأنهم مستفيدون.
آيل للسقوط
ولفت الشيخ سلمان إلى أنّ هذا المثال يمكن تطبيقه على كثير من دول العالم فتقول: إن كثيرًا من البقاء هو مرهون بتلك الأوضاع التي فيها إيصال الخير للناس، والله تعالَى يعلم وأنتم لا تعلمون، فهناك أوضاع ربما لو زالت لوجد ما هو شر منها وأسوأ، وعلى سبيل المثال، فإننا كثيرًا ما نتحدث عن الفتوح الإسلامية في الماضي، حيث نتحدث عن قوة المسلمين وانتصاراتهم على فارس والروم التاريخية الهائلة، والتي هي بسبب قوة المسلمين، وهذا لا شك أنه هو السبب الأول حيث كان هناك دفع قوي جدًا عند المسلمين وقوة روحانية وإيمانية، و شجاعة، ووحدة، وصدق مع الله سبحانه وتعالى.
واستطرد فضيلته: لكن في المقابل قلما نَنْتَبِه إلى أنّ من أهم أسباب الفشل والزوال لتلك الدول أنها كانت هَشّة من الداخل، وكانت العوامل تنخر فيها من الداخل ففارس أو الروم كان فيها  التَرَف المفرط، والطبقية ، والإسراف في المآكل والمشارب والمطاعم والملذات والروح الاستهلاكية ، فضعفت قوتها ولذلك كانت جاهزة للسقوط عند أول ضربة فكيف إذا كانت ضربة قوية وصادقة ومن أناس {صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 23].
فأَما الزَّبدُ فيذهب جفاءً
وأشار الدكتور العودة إلى أنه توجد أمثلة كبيرة على ذلك، منها  روسيا والصين والغزو السوفيتي لأفغانستان، فالمقصود أن قول الله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17].
وأوضح فضيلته: أنّ في ذلك إشارة إلى أن كل ما يستفيد منه الناس و ينفعهم من الدين الصادق، والأخلاق الفاضلة، و مصالح الحياة الدنيا، يساهم في حفظ أقواتهم وأرزاقهم وحياتهم وعيشهم.
توجُّس فكري
وتعقيبًا على مداخلة من الأستاذ أحمد الفهيد، والذي يُمثّل "صدى الجمهور" هذا العام، والتي أوضح فيها أنّ البعض يَرَوْن أن الدكتور العودة كثيرًا ما يستشهد بالغرب وكأنّ عالَمنا العربي والإسلامي ليس فيه مقوِّمات للتغيير، قال الشيخ سلمان: إنّ بعض الإخوة عندهم توجُّس فكري وذوقي في أي شيء ينتسب إلى أمم أخرى، مشيرًا إلى أن مثل هذا الأمر ينبغي أن يعالج، فنحن  حينما نتحدث عن الولايات المتحدة أو أوروبا أو اليابان أو الصين أو غيرها فإننا نتحدث  عن جزء من هذا العالم وهي الغنيمة التي لنا فيها سهم و «الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا».
 وأضاف فضيلته أنّ البعض ليس لديه قدرة على التمييز ما بين الهوس والإعجاب الأعمى وما بين الرؤية البصيرة ، متسائلًا: هل يمكن أن يتردّد أحد بأن هناك فجوة هائلة ومعرفية وحضارية بيننا وبين أمم الأرض الأخرى.  مشيرًا إلى أن الذي يجادل في هذا يحتاج إلى أن يراجع نفسه بشكل جيد وواضح.
نماذج إيجابية
وأردف الدكتور العودة: إنني لا أميل إلى تحسين الأشياء أو المبالغة أو التكلف، مع أنه- عمليًا- هذه التقارير التي نقدمها كل يوم ونعلق عليها هي من صميم مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وهي في الغالب صور ونماذج إيجابية نحن نشد عليها، ونؤكد دائمًا أننا لا ندعو إلى تغيير مفاجئ أو تغيير كلي ولا نتوقع أن هناك تغييرًا سينزل علينا من السماء دون أن نفعل أسبابه.
وتابع فضيلته: يقول ربنا سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11]، ومع ذلك فإنني أحترم وجهات نظر هؤلاء الإخوة الذين يذهبون إلى هذا المذهب، فربما يكون عندهم بدائل أو إضافات لو اطلعت عليها قد أضيفها.
لغة فلسفية
وتعقيبًا على أنّ البعض يرى أن الشيخ سلمان يستخدم لغة فلسفية ربما لا يفهمها عامة الناس الذين هم أساس في عملية التغيير، قال الدكتور العودة: إنني أشعر هذا العام على وجه الخصوص بحكم كونه موضوع يتعلق بالتغيير و هو موضوع مترابط، فإنّه من الأشياء التي أظن أنني حاولت النجاح فيها هو تبسيط القضايا التي فيها تعقيد لكن تظل القضية لا تخلو من بعض الإشكال.
وأضاف فضيلته: إنه قد يكون الفتى عمره خمس عشرة سنة أو الفتاة أو مثلاً عجوز مُسِنّة أو إنسان غير متعلم ربما أن تصعب عليه بعض الأشياء، ومع ذلك فنحن دائمًا نحاول أن نبسط ونبسط أكثر بقدر المستطاع.
الأمل مطلوب
وفيما يتعلق بأن البعض عندهم قناعة بأن التغيير لن يحدث، قال الشيخ سلمان: إننا يجب علينا أن لا نيأس، فإنني لي أصدقاء كلما شعرت بعاصفة من اليأس تجتاح قلبي أو موقف محبط أرسلت لهم رسالة فجاءني منهم أو من الله-سبحانه وتعالى- المَدَد والفيض عن طريقهم بكلمات محفزة أو كلمات مشجعة. مشيرًا إلى أن جمهور من الناس عريض لا يريدون أبدًا أن يسمعوا أنه لا فائدة أو لا أمل، فهم يحبون أن نغرس الأمل في قلوبهم، مؤكدًا أن هذا الأمل ليس بيعًا للوهم إطلاقًا، وإنّما هو تحفيز.
وأضاف فضيلته: أن  المثل يقول : "إذا قلت إنك تستطيع فأنت تستطيع، وإن قلت لا تستطيع فأنت لا تستطيع"، وعليه فإن الذي يحدد القدرة والاستطاعة هو الفرد ذاته، ولذلك هذا من تغيير ما في النفس بدلاً من أن يشعر الإنسان بأنه عاجز عليه أن يستعين بالله ولا يعجز، وأن يدرك أن لديه القدرة وأنه لو اجتمعنا وتضافرت جهودنا وأخلصنا لله وحاولنا أن نمضي في الطريق أننا سنجد الأبواب أمامنا مفتوحة.
وتابع: يجب علينا أن لا نحلم بتغيير يتم بين عشية وضحاها أو بين يوم وليلة، فهناك أوضاع متراكمة ومتشابكة ومعقدة، لكن أيضًا كوننا نمشي خطوة إلى الأمام سنجد بعض الفرص.
الحق ليس واحدًا؟!!
وتعقيبًا على أن البعض يرى أن الحق ليس واحدًا، ويستشهد بحديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- « لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِى قُرَيْظَةَ » وأن النبي أجاز فيها كلا الطرفين، قال الشيخ سلمان: هناك خلاف أصولِي، ولكنني أميل إلى  أن الحق عند الله تعالى واحد وأما فعل الصحابة فهم اجتهدوا ، والنبي- عليه الصلاة والسلام- لم يبيّن الذي أصاب الحق منهم وهذا إشارة إلى أنه ربما كلهم أصابوا ولكن بعضهم أصوب من بعض .
سلامة العودة
وفيما يتعلق بالمقال الذي كتبته الزميلة لولو الحبيشي، تحت عنوان "سلامة العودة" تمتدح فيه الشيخ سلمان، قال فضيلته: لقد قرأت مقال الأستاذة لولو، وهي تستحق التقدير والتحية؛ لأنّها متابعة جزاها الله خيرًا وواضح أنّها متابعة لهذا البرنامج وحديثها حديث المتابع وكلماتها الجميلة أنا أعتبرها دعم وإسناد، مشيرًا إلى أن الإنسان لا يستطيع في الوقت ذاته أن يصادر حق الناس في نقده، فمن حق الناس أن ينتقدوا، وقد تكون أنت أهلاً للنقد.
وأضاف فضيلته: إنني إذا وجدت أن أحدًا تناولني  بما أعتقد أنه غير حق أرجع إلى نفسي وأقول ربما أنني المخطئ فقد يكون في كلامي تعميم أو شيء من هذا القبيل فإذا لم أجد ذلك تفقدت سلوكي، فربما أكون قد ارتكبت خطأ في حقي ولده أو جاره أو نفسه أو زوجه فالله تعالَى يعاقبك أحيانًا بهؤلاء الذين يؤدبونك، ولذلك من رحمة الله أن يوجد بين الناس مني ومنك ومن الثاني والثالث مثل هذا اللون من الاختلاف الذي علينا أن نتقبله ونتعايش معه بصدر رحب.


الكاتب / أيمن بريك




0 التعليقات:

:: ترتيب المدونة عالميــاً ::

RSSMicro FeedRank Results