تابعنا :

Ads 468x60px

الأحد، 5 سبتمبر 2010

سُمْعة المجتمع السعودي كانت على مَحَك الخطر بسبب الفتاوى الشاذة ..



أشاد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم") بقرار العاهل السعودي بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء، مشيرًا إلى أنّ سمعة المجتمع السعودي كانت على محك الخطر بسبب الفتاوى الغريبة.



وقال الشيخ سلمان- في حلقة السبت من برنامج "حجر الزاوية"، والذي يبث على فضائية mbc ، والتي جاءت تحت عنوان "مقاومة التغيير"-: إنّ المفتي كما قال ابن القيم-رحمه الله- موقّع عن رب العالمين، فهو مترجم عن الشريعة ولذلك أن يكون هنالك ضبط للفتوى وخاصةً في عصر العولمة والذي لم يَعُد المفتي يتكلم إلى جماعة مسجده أو إلى أصدقائه، وإنّما العالم كله يتوفّر على الفتاوى الغريبة والفتاوى الشاذة والفتاوى المنكرة، حيث تجدها في السي إن إن وفي القنوات الفضائية العالمية وتجد التعليق عليها.
وأضاف فضيلته: بل إنني أزعم أن سمعة المجتمع السعودي ليس فقط المجتمع العلمي أصبحت على محك الخطر وعلى محك الاختبار بسبب عددٍ من الحالات التي هي بحاجة إلى معالجة حكيمة ومنضبطة، مشيرًا إلى أن هذا القرار سوف يحدّ من هذه الحالات بدون شك.

"الطائفية الفكرية"
وتطرق الشيخ سلمان إلى ما أسماه بـ" الطائفية الفكرية " مشيرًا إلى أنّ هذا المصطلح هو من سكّه وأن الحقوق محفوظة له بخيرها وشرّها.
وقال: وأعني بالطائفية الفكرية أنه يوجد في كل المجتمعات العربية والإسلامية طوائف وتيارات تشبه الطوائف المذهبية الموروثة ولكن مع الفارق؛ بمعنى أن الطوائف المذهبية على الأقل تعرف حدودها بينما الطوائف الفكرية ترَى أن المجتمع كله هو نصيب لها، ومن حقها أن تؤثر فيه ومن حقها أن تقوده.

من لم يكن ضدّي فهو معي

وذكر الدكتور العودة أنه يوجد في المجتمع الواحد إرادات متنازعة ومتصارعة ومتضاربة ما بين اتجاه يميني ويساري، واتجاه محافظ ومنفتح، لافتًا إلى أنه يأتِي أحيانًا ضمن هذا الإطار قضية "من لم يكن معي فهو ضدّي"، معربًا عن أمنيته في تغيير هذه الكلمة إلى معنى آخر أجمل ينسب إلى عيسى عليه السلام: "من لم يكن ضدي فهو معي".
وقال فضيلته: إنّ فكرة استحضار الصراع بين هذه الطوائف ليست فكرة مطلوبة ولا فكرة الربط بالخارج أيضًا، مشيرًا إلى أن الفكر العربي المعاصر يصحّ أن نقول إنه "رهين المَحْبَسَيْن " مثلما كنا نقول عن أبي العلاء المعري.

رهين المحبسين

وأوضح الشيخ سلمان أنّ المقصود برهين المحبسين، هو أن الفكر العربي المعاصر منه ما هو:
1 - رهين التاريخ: فهو دائمًا يهرب إلى التاريخ ويستدعيه ويعيش فيه، ويجد الأمن في التاريخ؛ لأنه يتحدث عن قصص مضت وانقضت وانتهت ولكن أهم شيء ألا يلامس الواقع هذا نوع من الارتهان.
2- رهين التقليد: فهو رهين التقليد للآخر، ومحاولة استنساخ النموذج الغربي والحضارة والأنماط الغربية مع تجاهل أن تلك الحضارة نشأت في ظروف خاصة ولمجتمعات خاصة ولا يمكن أبدًا أن تطبق كما لو كانت وصفة قابلة لأن تنقل إلى أي مجتمع من المجتمعات.

الخلاص مطلوب

 وركّز الدكتور العودة على أهمية الخلاص من "الطائفية الفكرية" ومحاولة تذويب الحواجز والفروق وإحياء الحوار بين الناس، مؤكدًا أنه لا يمكن أن يوجد حوار لا بين هذه الطوائف ولا معها، ومع المجتمع أو السلطة التي تحكمهم إذا كان الجو مرهونًا بالشُّبه أو الشكوك والاتهام، فكثيرًا ما نتهم البعض بأنه ينتمي أو يمثل رأي جهة خارجية أو مرتبط بدولة خارجية، أو بعضهم إذا كان يميل لاتجاه آخر قلنا هذا يمثل جماعة من الجماعات، وكأن مجتمعنا العربي والإسلامي ليس فيه عيوب أو أسباب تدعو إلى وجود مثل هذه الثغرات.
ولفت فضيلته إلى أنّه مع افتراض أن للخارج تدخلًا، فإننا يجب أن نعي أن الخارج تدخل في واقع قائم وموجود وربما استثمر أزمة أو مشكلة موجودة.

تغيير نحو الأفضل

وأردف الشيخ سلمان: هناك تيارات فكرية مختلفة في مجتمعنا السعودي تظهر من خلال وسائل الإعلام أو المجالس أو الكتب، وكذلك اليمن وهو بلد عربي شقيق ومجاور ويعتبر عمقًا وبعدًا استراتجيًا، حيث تجد قضية الحوثيين، والحراك الجنوبي، واللقاء المشترك، كما تجد الحكومة تعانِي من مشكلة التنمية، متسائلًا: هل سيصبح الأمر أنه يكفي أن نحافظ على الواقع الذي نحن فيه وليس لدينا طموح إلى تغيير نحو الأفضل؟
وتابع فضيلته: إنّنا إذا نظرنا إلى أي بلد عربي آخر فإنك من الممكن أن تطبق الكلام على بلد مثل مصر، والذي يوجد فيه حراك قوي فيما يتعلق بالتغيير أو إيران، حيث توجد الخلافات بين الإصلاحيين والحكومة أو أشياء كثيرة من هذا النمط.

المثقف الغني والمثقف الفقير
وذكر الشيخ سلمان أنّ الطائفية الفكرية قضية مهمة جدًا ضمن قضية الحراك المتعلق بالمجتمع سواء فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أي: الخسائر الاقتصادية، فالناس الذين يخسرون يحاربون التغيير؛ لأنهم لا يريدون أن يخسروا مواقعهم سواء كانت مواقع اجتماعية سلطوية أو كانت مواقع اقتصادية، ولذلك فإن الأفضل للمثقف ألا يصبح غنيًا فيصبح بوقًا ولا يصبح فقيرًا فيصبح ثائرًا دائمًا يتحدث عن مظلوميته، وإنّما أن يكون في دائرة الوسط بحيث يتمكن أفضل وأكثر من أن ينطق بكلمة حقيقة.
وأشار فضيلته إلى أنّ الناس دائمًا ما يرفضون التغيير؛ لأنه يمس مصالحهم الاقتصادية، وعلى سبيل المثال، فإنّ رفض أصحاب الدكاكين للبريد، يرجع إلى أن البريد يصل إلى المزارعين في بيوتهم، بينما أصحاب الدكاكين يريدون من المزارعين أن يأتوا إلى المدينة وأن ينزلوا و يشتروا وأن يمروا على المطاعم، فهناك أشياء كثيرة يرفضها الناس؛ لأن مصالحهم الاقتصادية تتقاطع معها فيقدمون المصلحة الخاصة على المصلحة الاجتماعية العامة.


المجتمع ورفض التغيير

وتعقيبًا على مداخلة حول استحكام العادة والتقاليد لدرجة أصبحت مقدسة عند عموم المجتمع مما يؤثر على عملية التغيير، قال الشيخ سلمان: إنّ المجتمع هو محل التغيير، خاصة إذا كان التغيير عامًا، فالمجتمع هو هدف أو مقصد أو ميدان للتغيير. موضحًا أنّ هناك العديد من العادات الثقافية الموجودة في مجتمعاتنا والتي تساهم في تأخير أو مقاومة التغيير، وأن الأسباب الاجتماعية في رفض التغيير هي أسباب وجيهة وكثيرة، حيث يمكن أن نشير في هذا الأمر إلى عدة نقاط:
1 -
 الثقافة الاجتماعيةكل مجتمع عنده ثقافة، والتي يقصد بها العادات؛ سواء أكانت سلوكية أو فكرية أو لغوية، فهذه العادات هي التي تشكل هوية المجتمع من طريقة اللباس، والأكل، والعلاقات بين الناس، وقيادة السيارة وكل هذه تسمى ثقافة.
ولفت فضيلته إلى أنّ ثقافة المجتمع ربما تكون ثقافة عصية على التغيير، فبعض الثقافات قد تكون سلبية فيها قدر من اللامبالاة، فقد تجد كثيرًا من الشعوب العربية اليوم شعوب- إن صح التعبير- محبطة، كما تجد المواطن العربي لا يهمه ما الذي يحدث، وكما يقولون في بيت شعر كثيرًا ما قرأته وطربت له:

 أَلا لا تُبالي العيسُ مِن شَدِّ كورِها       عَلَيها وَلا من راعها بالمخازم

أي: أن الإبل لا يهمها من الذي يشدّ عليها الحمل أو يضربها ويروعها، فالمهم أنها تتألم وأنها تعانِي.
وذكر الدكتور العودة أن المواطن العربي في كثير من الحالات يشعر بأن الحديث عن التغيير كأنه أجنبي عنه ولا يعنيه، مشيرًا إلى أنه أحيانًا قد يتكلم بكلام جميل وإيجابي إذا كان أمام الناس أو في مجال عام، لكن إذا خلا بعضهم إلى بعض ظهرت ألوان من اليأس والإحباط؛ مؤكدًا أن رفع حالة الإحباط واليأس من أهم القضايا التي ينبغي أن يستهدفها أولئك الداعون إلى التغيير سواء كانوا في موقع السلطة والقيادة أو كانوا في موقع الفكر والعلم. 2- الثقافة السائدة حيث تجد أن العنصرية داخل مجتمعاتنا ما بين قبلي وغير قبلي، فالمناطقية والإثنية والعرقية هي جزء من الثقافة التي ربما تستعصي كثيرًا على التغيير، حيث تجد أن كل أحد يقول: إنني أغيّر إذا غيّر الآخرون، ولكن هو في ذهنه مسبقًا أن الآخرين ليس لهم لديهم رغبة في التغيير، ولذلك فكل ما هنالك هو أن علينا أن نبقى كما نحن، وأن نعيد إنتاج هذه الأشياء ونلقنها لأولادنا حتى لا ينسوا أنهم ينتمون انتماءً عصبيًا وعنصريًا إلى هذه القبيلة أو المدينة أو البلد.3- الصراع:  وهو نوع من الثقافة، وذلك نعتقد أن المطرقة هي حل لكل الأشياء، فإذا كنت تعتقد أن كل ما أمامك هو مسمار فسوف تتعامل بالمطرقة! بينما أحيانًا تستطيع أن تقول إن استخدام العقل والفكر والحيلة والذكاء هو أولى وأهم ويغني عن استخدام اليد، بل إنّ أفضل الحروب هي تلك التي نجح الإنسان فيها دون أن يخوضها. 

الخوف من الإنترنت.. والفضائيات
وذكر الشيخ سلمان أن كثيراً من الناس يرفضون التغيير بسبب نظرة انتقائية عندهم لشيء معين ، أو لسلبية من سلبيات التغيير ، وعلى سبيل المثال ، فإنه عندما  جاء الإنترنت رفضه فئة من الناس ، وذلك لأنهم لم يقرؤوا في الإنترنت إلا ما يتعلق بغرف البالتوك أو المواقع الإباحية أو التواصل مع قوى شرقية أو  غربية .
وتابع : كذلك عندما جاءت القنوات الفضائية نظر بعض الناس إلى جانب العري والصور والأغاني والإثارة ولم ينظروا إلى وجود قنوات كثيرة تهتم بالأخبار وتتابع الحدث أولاً بأول وتصنع قدراً من الوعي وتعالج معاناة للمسلمين في فلسطين أو في باكستان و العراق أو تعالج التطورات.
والخوف من الابتعاث
وقال الشيخ سلمان : إن هناك من يرفض التغيير المرتبط بعملية الابتعاث تحت ذريعة أن هناك شاباً في أمريكا ربما وقع منه خلل ، أو شاباً آخر ربما قبضت عليه أجهزة الشرطة في بلد آخر، أو لأن شاباً فشل في دراسته  ، لكن عندما تتخيل أن هناك مئات الألوف من الشباب والفتيات ذهبوا وتعلموا واستفادوا وانتفعوا وتطوروا وسجل بعضهم مستويات متقدمة في الجامعات التي يدرسون فيها ، وعادوا وهم محافظون على دينهم و قيمهم و أخلاقياتهم ومع ذلك أيضاً لديهم قدر من العلم ، فإن الأمر قد يتغير .
كذلك عندما ينظر الإنسان إلى التغيير المرتبط بالآلة ، حيث ربما يقول البعض : أن حضور الآلة سبب البطالة عند كثير من الناس ولذلك ينبغي أن نستغني عنها  ، وأيضاً عندما نتحدث عن التغيير فيما يتعلق بالتعليم والعمل سواء عمل الرجل أو عمل المرأة ، فإنك ستجد من يقول أن هذا أثر على الأسرة وترابطها وتقاربها وأوجد قدراً من الفراغ وربما حصل أخطاء هنا و هناك  ، ولعل هذا يؤكد أن البعض ربما يلاحظ وينتقي بمقياس معين وربما يقوم بتعميم حالات فردية يكون بسببها رفض عند هذا الإنسان للتغيير .

انتقائية العجز
وأشار الشيخ سلمان العودة إلى أن هناك ثلاث حزم -إن صح التعبير- في مقاومة التغيير ، يأتي في مقدمتها : تغيير الذات أو المقاومة من داخل الذات ، والتي تواجه بعض المشكلات مثل الجهل ، و عدم الثقة ، وأخيراً الإحساس بالعجز ، لافتاً إلى أن الكثير من الناس عندما تطالبه بتغيير حتى على صعيده الفردي ، فإن العائق أمامه يكون الإحساس بالعجز ، وعلى سبيل المثال ، فإذا كان هذا الشخص مدخن ، وأنت تريده أن يقلع عن التدخين ، فهو كثيراً ما يتحجج بأنه عاجز أو أنه لا يستطيع وربما ينسب إلى الآخرين أو المجتمع .
وتأتِي حلقة اليوم الأحد بمشيئة الله استكمالًا لموضوع مقاومة التغيير ويتم مناقشة رجع الصدى حول ما أثير في حلقة الأمس كما يستقبل البرنامج الاتصالات الهاتفية والمداخلات التي تأتي عبر الموقع الإلكترونِي ورسائل الإس ام إس.

الإسلام اليوم/ أيمن بريك





0 التعليقات:

:: ترتيب المدونة عالميــاً ::

RSSMicro FeedRank Results